قصة زيد بن حارثة
قصة زيد بن حارثة من القصص الإسلامية التي نأخذ منها العبر والعظات، زيد بن حارثة من أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- بل وعاش معه في منزله، قصة حياة زيد تحمل الكثير من المعاني والصفات الحسنة التي اتسم بها، ويجب على كل مسلم الاطلاع على سيرة زيد لاتخاذه قدوة في أخلاقه وما كان يفعله، ونستعرض ذلك من خلال موقع زيادة.
قصة زيد بن حارثة
هو زيد بن الحارثة بن شرحبيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عبد ود بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
كان أحد الصحابة الذين رافقوا الرسول – صلى الله عليه وسلم- في حياته، وقد تبناه الرسول فترة من الوقت إلى أن أنزل الله – عز وجل- حرمة التبني، وفي خلال فترة تبني الرسول – صلى الله عليه وسلم- لزيد قد أطلق عليه لقب زيد بن محمد وأمه سعدى بنت ثعلبة.
اقرأ أيضًا: قصة حمزة بن عبد المطلب كاملة
خطف زيد بن حارثة
استكمالًا للحديث عن قصة زيد بن حارثة، نذكر أنه في يوم من الأيام كان زيد بن حارثة يبلغ من العمر ثماني سنين وذهب مع والدته لزيارة أقاربها، وخلال تلك الزيارة تعرض زيد بن حارثة للخطف من قبل عدة أشخاص وتم بيعه في سوق عكاظ كعبيد.
قام بشراء زيد بن حارثة حكيم بن حزام الذي قدمه بعد ذلك هدية للسيدة خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها وأرضاها- وتزوجت السيدة خديجة بالنبي – صلى الله عليه وسلم- وفي تلك الأثناء وهبت السيدة خديجة زيد بن حارثة لمحمد.
تحريم التبني
أصبح زيد غلام سيدنا محمد، ومرت الأيام وخلال موسم الحج تحديدًا رأى بعض أقاربه زيد بن حارثة ثم ذهبوا مسرعين لإخبار والد زيد بأن ابنه موجود في مكة وما إن علم بالخبر إلا وذهب مسرعًا لبيت محمد.
عندما دخل والد زيد على سيدنا محمد قال له أنك أنت سيد قومك ولك من الصفات أحسنها وتقوم على فك كرب المحتاجين والضعفاء فأكرمنا ورد إلينا أمانتنا التي عندك وأكرمنا في فدائه، فرد سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- قائلًا إنه سيخير زيد في البداية فإن اختار زيد والده فليذهب معه بدون أي شروط أما إن اختارني فليستمر في البقاء عندي كما كان من قبل.
عندما عاد زيد بن حارثة قام سيدنا محمد بإخباره وتعريفه على والده وعمه، ثم قال له يا زيد هذا أبوك وعمك فإن أردت الذهاب معهم فلتذهب وإن أردت البقاء معي فلتبقى، رد زيد قائلًا بأنه اختار البقاء مع سيدنا محمد ولا يريد الذهاب مع والده، ذلك الأمر الذي جعله والده يتعجب، معقبًا بقوله أتختار أن تكون عبدًا لذلك الرجل وأن تفضله على والدك وأهلك، فرد زيد قائلًا إنه لن يختار أحدًا على محمد فلا مثيل له.
ففرح سيدنا محمد وخرج إلى عامة الناس وقال لهم أنه من اليوم زيد يسمى بزيد بن محمد وأنه بمثابة ابنه ويرثه بعد الموت، وبعد تلك الواقعة تم تسميته بزيد بن محمد إلى أن أنزل الله في القرآن الكريم تحريم التبني فعاد لاسم زيد بن حارثة مرة أخرى، حيث قال تعالى: “ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (5)” سورة الأحزاب.
إسلام زيد بن حارثة
استكمالًا للحديث عن قصة زيد بن حارثة نشير إلى أنه عندما أنزل الوحي على سيدنا محمد وذهب لداعية الناس للعبادة الله الواحد الأحد فقد أرسل سيدنا محمد إلى زيد كي يذهب له وما إن دعاه محمد –عليه السلام- لاعتناق الإسلام فعلى الفور أمن زيد بعبادة الله والدخول في الإسلام.
كان زيد قد تربى في بيت الرسول منذ الصغر وقام الرسول يعلم أخلاقه جيدًا وأنه لا يكذب ووفي بوعده، وإن قال إنه اعتنق الإسلام لا ينافق ولا يخدع، فكان زيد بن حارثة هو أول من آمن من الموالي.
اقرأ أيضًا: كم عدد أبناء عمر بن الخطاب
زواج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش
شطر كبير في قصة زيد بن حارثة أنه عندما هاجر الرسول –صلى الله عليه وسلم- للمدينة كانت زينب بنت جحش ممن هاجروا معه، وكانت تتميز بنسبها وحسن أخلاقها وجمال مظهرها، فأراد الرسول أن يزوج زينب بنت جحش لزيد.
خطبها الرسول – صلى الله عليه وسلم- لزيد ولكنها رفضت بسبب وجود الفوارق بين الأنساب وأن زيد من الموالي ولكن صمم الرسول على إتمام الزواج لأن في الإسلام لا يوجد فرق بين غني وفقير أو لا أحد على أحد.
نزلت تلك الآية التي تدل على المساواة وعدم التمييز، فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)” سورة الحجرات.
تزوج زيد من زينب وما إن مضى بعض الوقت وأراد زيد أن يطلقها عندما علم أنها أعجبت رسول الله، ثم ذهب إليه زيد وقال له ذلك، فطلب منه النبي أن يصبر ويتأنى ثم عاد إليه زيد مرة أخرى طالبًا نفس المطلب بأنه يريد طلاق زينب وتم الأمر وطلقها زيد.
نزلت الآية القرآنية متحدثة عن ذلك الأمر حيث قال تعالى: “وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)” سورة الأحزاب، ثم بعد ذلك تزوج الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد.
اقرأ أيضًا: زيد بن حارثة حياته وقصة تبنيه
قصة استشهاد زيد بن حارثة
من أجلّ ما يُذكر في قصة زيد بن حارثة أن كان هناك قتال ضد الروم، وقد أعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جيش المسلمين وكان مكون من 3 آلاف مقاتل لمحاربة جيش الروم، وقد أعد سيدنا محمد من يتوالى إمارة الجيش، فقال الرسول إن زيد أول من يتولى رئاسة جيش المسلمين فإن استشهد فيتولى جعفر بن أبي طالب، وإن استشهد جعفر فيتم تواليت عبد الله بن رواحة رضى الله عنهم وأرضاه جميعًا.
تحرك جيش المسلمين بقيادة زيد بن حارثة لمحاربة الروم وعندما وصلوا لساحة المعركة فقد دهشوا بعدد جيش الروم الهائل الذي يفوق عددهم ويبلغ مائتي ألف محارب.
لم يستسلم المسلمين ولم تهتز ثقتهم وقرروا محاربة جيش الروم برغم قلة عددهم مقارنةً بأعداد الروم، وما إن بدأت المعركة حتى سقط زيد بن حارثة شهيدًا، وتولى من بعده ولاية الجيش جعفر بن أبي طالب.
قصة زيد بن حارثة من أهم القصص الموجودة في الإسلام، فقد صاحب زيد الرسول- صلى الله عليه وسلم- وعاش معه، وكانت حياته مليئة بالأحداث التي يجب على كل مسلم أن يكون على علم بها.
