قصة خديجة رضي الله عنها

قصة خديجة رضي الله عنها هي قصة جميلة مليئة بالحب الذي كان بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وعلاقتهما التي بدأت حتى الإسلام ونزول الوحي ومؤازرتها للرسول الكريم عند تلقيه الرسالة، مرورًا بما فيها من أحداث منذ بداية عملها بالتجارة وحتى زواجها من النبي، لذا ومن خلال موقع زيادة سنقوم بسرد بعض التفاصيل الخاصة بقصتها.

قصة خديجة رضي الله عنها

هي خديجة بنت خُويلد بن أسيد بن عبد العُزّى بن قُصي القرشيّة، وأمها هي امرأة قرشية النسب وتُسمى فاطمة بنت زائدة الأصمّ، وجدها هو لؤي بن غالب الذي يلتقي نسبها مع الرسول صلى الله عليه وسلم به.

كانت خديجة أقرب النساء إلى النبي في النسب، فكان يلتقي نسبها به في الجد الخامس وهو قُصي ابن كلاب، وبشكل عام فقد اشتُهرت السيدة خديجة بنسبها الرفيع، لذلك عُرفت بأنها أشرف نساء قريش نسبًا وأغناهم، حيث كان والدها من أشراف قريش والذي توفّي قبل حرب الفجار.

كانت خديجة من أنجح النساء في الحياة العملية والتي تمثلت في التجارة، كما أنها تزوجت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن رأت منه الأخلاق الحميدة عندما أرسلته بتجارتها إلى الخارج، ثم نجد بعض التفاصيل في قصة خديجة رضي الله عنها، والتي سوف نتناول مراحلها في السطور القادمة.

اقرأ أيضًا: صفات السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها

تجارة السيدة خديجة بنت خويلد

سُميت السيدة خديجة بسيدة نساء قريش، وأيضًا وصفها السُهيلي قائلًا بأنها تُسمى الطاهرة في الجاهلية والإسلام، فكانت معروفة بأخلاقها الطاهرة وطباعها الشريفة، ونجد أيضًا الإمام الذهبي عندما قال في خديجة بنت خويلد هي ممن كَمُل من النساء، كانت عاقلة جليلة، ديّنة مصونة كريمة.

بدأت قصة خديجة رضي الله عنها عندما عملت في التجارة، والتي حققت فيها نجاح كبير فكسبت الكثير من الأرباح وأيضًا السُمعة الحسنة لجودة تجارتها، وقد عُرفت باستقلالها المادي وقدرتها على إدارة الأمور بشكل جيد، وظهر ذلك في اختيارها للرجال العاملين بتجارتها حيث عُرفوا بالأمانة والكفاءة، حتى وصلت تجارتها إلى مجموعة من البلاد وهي الشام والفرس والروم والعراق.

أصبحت السيدة خديجة وكأنها يد العون والمساعدة للفقراء والمساكين، فقد كانت تعطيهم ما يكفيهم ويفيض وتكرمهم من كرم الله الذي أنعم عليها به، ولم تبخل على محتاج بشيء، لذلك عُرفت بإحسانها لكافة الناس.

لم تكن السيدة خديجة تسافر بنفسها للعمل بتجارة أموالها، ولكن كانت ترسل أحد الرجال للسفر بالتجارة بعد أن تعقد معه اتفاق والذي ينص على أن يسافر وينهي لها أمور تجارتها بالخارج مقابل مبلغ من المال سوف يأخذه سواء نجحت التجارة أو لم تنجح، فهي واثقة في أمانتهم رغم أنها كانت لا تلقاهم إلا قبل السفر وبعده.

زواج السيدة خديجة بنت خويلد من الرسول

معروف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أفضل الناس أخلاقًا وأكثرهم أمانة وصدق، وعندما علمت السيدة خديجة بذلك، عرضت عليه أن يخرج بتجارتها مقابل أن تعطيه مما تعطي لغيره من المال، فوافق الرسول وخرج بتجارتها إلى الخارج مع غلام يُسمى ميسرة.

عندما رجعوا من رحلة التجارة قام ميسرة بسرد ما رآه من أخلاق كريمة على السيدة خديجة، وقد وجدت في تجارتها بركة وأمانة لم تجدها من قبل، وعلمت حينها أن النبي محمد هو خير الزوج لها، فأخبرت صديقتها نفيسة بنت منيّة بذلك كله بما فيه من شعورها ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم.

لذا ذهبت نفيسة بنت منيّة إلى الرسول لتقول له ما حدث وتعرض عليه الزواج من السيدة خديجة -رضي الله عنها- فوافق على طلبها، ثم ذهب لأعمامه ليخبرهم بالأمر، حتى تقدموا بخطبة خديجة له من عمها، وكان الحضور يتضمن رؤساء مضر وبني هاشم، ويجدر بالذكر أن كل ذلك حدث في خلال شهرين بعد العودة من رحلة التجارة.

لم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أي امرأة أخرى على السيدة خديجة حتى توفت، وكانت أول امرأة تزوجها، وعند زواجهما كانت قد وصلت إلى سن الأربعين.

أنجبت السيدة خديجة من الرسول اثنان من الذكور وهم القاسم، وعبد الله، كُني الرسول بأبي القاسم نسبةً إلى ولده القاسم، ولُقب عبد الله بالطيب الطاهر، ولكن توفيا الاثنين قبل ظهور الإسلام، وأنجبت أيضًا أربعة من البنات وهن فاطمة وأم كلثوم وزينب ورقيّة، اللاتي حضرا الإسلام فأسلمن وهاجرن مع الرسول في هجرته، وتوفيت فاطمة بعد وفاته بستة أشهر، أما الباقي فتوفين قبل وفاة الرسول.

السيدة خديجة في بيت النبوة

في ظل الحديث عن قصة خديجة رضي الله عنها يجدر بالذكر أنها لُقبت بأم المؤمنين وثبت هذا اللقب على من جاء بعدها من زوجات النبي، فكانت نعم الزوجة ومثلت الزوجة الصالحة أثناء تواجدها في بيت النبوة بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان بيت النبوة بيت بسيط يقع في مكة المكرمة ولا يتميز عن غيره من البيوت بشيء.

كانت السيدة خديجة تخدم النبي محمد بنفسها ولم تأتي بخادمات لمساعدتها أو ما شابه ذلك، بل كانت تخدمه بكل ما بداخلها من حب، وكان همها هو إسعاده وإرضاؤه، كما أنها لم تعصِ له أمرًا فكانت نعم الزوجة المطيعة الخلوقة التي يمتلئ قلبها بحب النبي صلى الله عليه وسلم، وظلت هي سيدة بيت النبوة قبل وبعد بعثة الرسول.

اقرأ أيضًا: زواج الرسول من خديجة

إسلام خديجة بنت خويلد

كانت السيدة خديجة أول من دخل في الإسلام وآمن بالله ورسوله، فصدقت النبي وظلت بجانبه تخفف عنه ما يمر به أثناء محاولة الانتقال من الجاهلية إلى الإسلام، والدليل على ذلك وقوفها بجانب الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما نزل عليه الوحي وصار يحكي لها ما حدث في دار حراء من نزول الوحي بواسطة جبريل عليه السلام.

نجد ما حدث مرويٌ في صحيح البخاري: (حتى دخل على خديجةَ، فقال: “زَمِّلوني زَمِّلوني” أي: غَطُّوني بالثِّيابِ ولُفُّوني بها، وطلب ذلك ليَسكُنَ ما حصَلَ له مِن الرِّعدةِ مِن شِدَّةِ هولِ الأمرِ وثِقْلِه، فزَمَّلوه كما أمَرَهم حتى ذهَبَ عنه الفَزَعُ، قال لخديجةَ: أيْ خَديجةُ، ما لي؟! وأخبَرَها الخبَرَ قال: “لقد خَشِيتُ على نَفسي”…

… ألَّا أُطيقَ حَملَ أعباءِ الوَحيِ؛ لِما لَقِيتُه عند لِقاءِ المَلَكِ، قالت خديجةُ: كلَّا، أي: لا خوفَ عليك، أبشِرْ، فواللهِ لا يُخزِيك اللهُ أبدًا؛ واللهِ إنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَديثَ، وتَحمِلُ “الكَلَّ” وهو الضَّعيفُ المُنقَطِعُ، واليتيمُ، وتَكسِبُ “المَعدومَ” أي: تُعطي النَّاسَ ما لا يَجِدونَه عند غَيرِك، “وتَقْرِي الضَّيفَ” أي: تُهَيِّئ له طعامَه ونُزُلَه، و”تُعينُ على نوائِبِ الحَقِّ”، أي: حوادِثِه. فمَضَت به خديجةُ مُصاحِبةً له “حتى أتَتْ به وَرَقةَ بنَ نَوفل).

صبرت السيدة خديجة على ما مر به النبي بما فيه مقاطعة قريش لبني هاشم وبني عبد المطلب في كل شيء، وظلت بجانب المسلمين وخففت عنهم المحن التي تعرضوا لها بعد هذه المقاطعة التي استمرت لمدة ٣ سنوات.

اقرأ أيضًا: من الزبير بن العوام حواري رسول الله

وفاة السيدة خديجة بنت خويلد

توفت السيدة خديجة في عمر يناهز 65 عام وكانت هذه هي السنة العاشرة من البعثة.

كانت السيدة خديجة نعم النساء أخلاقًا ونعم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، والتي عُرفت بأخلاقها الحميدة وحسن إدارتها للأمور.