هل يأجوج ومأجوج بشر
هل يأجوج ومأجوج بشر؟ هل هم من نسل آدم عليه السلام وحواء؟ إن ظهور يأجوج ومأجوج من علامات الساعة الكبرى، فإن المسلم الحق هو من يبحث في علامات وفتن الساعة ليكون من الناجين منها يوم القيامة، لذلك من خلال موقع زيادة سوف نعرف هل يأجوج ومأجوج بشر وكل ما يخص هؤلاء القوم وصفاتهم الشكلية وعددهم وظهورهم.
هل يأجوج ومأجوج بشر؟
اختلفت الأقاويل في وصف يأجوج ومأجوج وما هي صفاتهم الشكلية والخلقية، فقد جاء القول في رواية يأجوج ومأجوج من معظم الأديان (المسيحية، اليهودية….)، علاوة على الحكايات الشعبية والأسطورية التي تناولت الحكي عن يأجوج ومأجوج، فكثرت الأقاويل حول هؤلاء القوم تزاحم الحقيقة بالضلال.
قد جاء الشيخ أبو زكريا النووى في شرح مسلم يزعم بأن: قوم يأجوج ومأجوج جاءوا بسبب احتلام آدم –عليه السلام- فاختلط بالتراب، فكان قوم يأجوج ومأجوج هم نسل ذلك الخلط، وهذا القول قول خاطئ كذبه العلماء المسلمين لعدم توفر مصدر شرعي له فهو يعد من الإسرائيليات.
فيكون القول الحق في السؤال هل يأجوج ومأجوج بشر، بالإسناد إلى الحديث الشريف عن رسولنا صلى الله عليه وسلم:
“يقالُ لآدمَ: أخرِجْ بعثَ النَّارِ، قال: فيقولُ: وما بعثُ النَّارِ؟ فيقولُ: من كلِّ ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةٍ وتسعينَ، فعند ذلك يشيبُ الصَّغيرُ، وتضعُ الحاملُ حملَها، وترَى النَّاسَ سُكارَى وما هُم بسُكارَى، ولكنَّ عذابَ اللهِ شديدٌ، قال: قلنا: فأين النَّاجي يا رسولَ اللهِ؟!
… قال: أبشِروا! فإنَّ واحدًا منكم، وألفًا من يأجوجَ ومأجوجَ، ثمَّ قال: إنِّي لأطمعُ أن تكونوا رُبعَ أهلِ الجنَّةِ! فكبَّرْنا، وحَمدْنا اللهَ، ثمَّ قال: إنِّي لأطمعُ أنْ تكونوا ثلُثَ أهلِ الجنَّةِ! فكبَّرْنا وحَمدْنا اللهَ، ثمَّ قال: إنِّي لأطمعُ أنْ تكونوا نصفَ أهلِ الجنَّةِ، إنَّما مثلُكم في النَّاسِ كمثلِ الشَّعرةِ البيضاءَ في الثَّورِ الأسودِ، أو كمثلِ الشَّعرةِ السَّوداءَ في الثَّورِ الأبيضِ”
الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: ابن جرير الطبري | المصدر: تفسير الطبري
فيدل الحديث الشريف على أن يأجوج ومأجوج هم من بني آدم -عليه السلام- بل هم معظم بني آدم، فبين كل مائة من البشر يوجد تُسعمئة من قوم يأجوج ومأجوج.
اقرأ أيضًا: قصة ذي القرنين ويأجوج ومأجوج بالتفصيل
الصفات الشكلية ليأجوج ومأجوج
الحديث عن يأجوج ومأجوج لا ينتهي فهؤلاء القوم وما نشروه في الأرض من ظلم وفساد ظلوا محتلين مساحة واسعة من بال كل المسلمين والباحثين عن الحقيقة، فتخيل هؤلاء وكيفية قوتهم وجبرُتهم شدتهم يثير ذهن الجميع.
فجاء في الوصف الخلقي بقوم يأجوج ومأجوج فحولة قوتهم وضخامة حجمهم واختلاف خلقهم فقد قال الرسول –صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف واصفًا قوم يأجوج ومأجوج:
“لا تقومُ السَّاعةُ حتى تُقاتِلوا قومًا صِغارَ الأعيُنِ، عِراضَ الوُجوهِ، كأنَّ أعيُنَهم حَدَقُ الجَرادِ، كأنَّ وُجوهَهمُ المَجانُّ المُطْرقةُ، يَنتَعِلونَ الشَّعَرَ، ويَتَّخِذونَ الدَّرَقَ حتى يَربُطوا خُيولَهم بالنَّخلِ”.
الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: شعيب الأرناؤوط | المصدر: تخريج المسند
فعندما يخرجون من حبسهم يشربون ماء البحر بأكمله ويسعون في الأرض قهرًا وقتلًا في قوم البشر، فذلك ما يجعل الكثيرين يتساءلون هل هؤلاء القوم بتلك السمات من نسل آدم؟ وهل يأجوج ومأجوج بشر؟ هل يمتلكون نفس الصفات التكوينية التي شكلتنا نحنُ البشر؟
فإن اختلافهم الخلقي والشكلي هو ما جعل الأقاويل تكثر حول كون يأجوج ومأجوج من بني آدم، لكن حقيقة القول وفقًا للشريعة وسُنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- قد قطعت الشكوك باليقين في هذه النقطة.
قد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في مسألة الكبر الحجمي لقوم يأجوج ومأجوج واختلافهم عن البشر: “خلق اللهُ آدمَ على صُورتهِ، وطولُهُ سِتُّونَ ذراعًا”، الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن خزيمة | المصدر : التوحيدأجو، لذا فإن الكبر الحجمي لقوم يأجوج ومأجوج لا ينفي كونهم من البشر.
ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن
في حديثنا عن إجابة هل يأجوج ومأجوج بشر، نشير إلى أنه قد ورد في قول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم في أكثر من موضع ذُكر به قوم يأجوج ومأجوج فقد جاء في سورة الكهف قصة ذي القرنين وهو ملكًا عادل يسير في الأرض داعيًا للتوحيد بالله -عز وجل- فاستنجد به القوم من بطش وظلم قوم يأجوج ومأجوج فهم قومًا جبارين.
فطلبوا منه أن يجعل بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج سدًا، فقد جاء ذو القرنين وقومه بالحديد وصهروه مع النحاس وحاصروا قوم يأجوج ومأجوج، فلم يستطيعوا أن يتخطوه بأمر الله.
ظل قوم يأجوج ومأجوج محاصرين بين النقاب العزل عن العالم يموجُ بداخله لا يقدرون على الخروج إلا بإذن من الله -عزو جل-:
“قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)” سورة الكهف.
قد ورد ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم في موضع آخر في سورة الأنبياء، ليتأكد لنا الله –عز وجل- أن قوم يأجوج ومأجوج لم ينتهوا بعد، بل إن عودتهم آتية يومًا ما فتكون هي من علامات الساعة، فقال تعالى:
“حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96)” سورة الأنبياء.
اقرأ أيضًا: من هم يأجوج ومأجوج وتفاصيل حول قصتهم
كيفية خروج قوم يأجوج ومأجوج
عند السؤال هل يأجوج ومأجوج بشر أو أي سؤال يخص علامات الساعة نبحث في قول الله تعالى في قرآنه الكريم، ثم نبحث في القول الصحيح الوارد عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- فنتتبع أحاديث رسول الله لمعرفة الحق عن قوم يأجوج ومأجوج.
فعرفنا أن يأجوج ومأجوج في فترة حصارهم يظلون يحفرون في السور المشيد من قبل ذو القرنين وجنده، فيحفرون حتى يقتربوا من اختراقه وتبدأ الشمس في الظهور من خلاله.
فيقول أحدهم: لنذهب ونستريح الآن ونكلم غدًا الحفر لنخرج لأهل الأرض –يغفل عن قول سبحان الله- فيعودون للغد ويبدأون من البداية لأن الله –عز وجل- قد أعاد السور لهيئته الأصلية فيبدئون الحفر من البداية.
فيظلون عالقين في تلك الحلقة كل يوم حتى يأتي المعاد الحق، فيشاء الله أن يجعل أحد قوم يأجوج ومأجوج يقول: لنستريح الآن ونعود لنكمل غدًا إن شاء الله، فيشاء الله أن يعودون الغد ليجدون السور على ما تركوه مهيأ للانتهاء.
فيباشر قوم يأجوج ومأجوج الحفر ويزال النقاب عنهم ويخرجون للناس لتبدأ أحد علامات الساعة، يخرجون فيشربون الأنهار التي يقابلونها حتى تنشف، يهرب منهم أهل الأرض يتحصنون في حصونهم.
فيبدأ قوم يأجوج ومأجوج بري الأسهم على السماء ظنًا منهم قدرتهم على قتل أهل السماء، حتى تنزل الأسهم مجتاحة بالدماء، فيقول قوم يأجوج ومأجوج: قد قتلنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء.
نهاية قوم يأجوج ومأجوج
قد بدأنا حديثنا بالسؤال هل يأجوج ومأجوج بشر، لنصل لخلقة يأجوج ومأجوج ونتابع لنعرف قصة يأجوج ومأجوج، لنصل لخروجهم من محبسهم، لنكمل الآن قصة يأجوج ومأجوج المقتربة من نهاية مطافها.
بعد أن يجزم قوم يأجوج ومأجوج بالقضاء على أهل الأرض والسماء، يبعث الله نغفًا في أقفائهم، وهي دودة تخترق أمعائهم حتى تقتلهم، فيشاء الله عز وجل أن تكون نهاية جبابرة الأرض وأكثرهم بطشًا بدودة بسيطة، فتملأ جثثهم الأرض حتى تأكل منها دواب الأرض وتشبع.
فقد جاء القول الحكيم من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليقول في هذا: “إنَّ يأجوجَ ومأجوجَ يحفُرونَ كلَّ يومٍ حتَّى إذا كادوا يَرونَ شُعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهم ارجِعوا فسنَحفرُهُ غدًا فيعيدُهُ اللَّهُ أشدَّ ما كانَ حتَّى إذا بلَغت مُدَّتُهم وأرادَ اللَّهُ أن يبعثَهُم علَى النَّاسِ حفروا حتَّى إذا كادوا يَرونَ شعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهِم ارجِعوا فستحفُرونَهُ غدًا إن شاءَ اللَّهُ تعالى واستَثنَوا فيعودونَ إليهِ وَهوَ كَهَيئتِهِ حينَ ترَكوهُ فيحفُرونَهُ ويخرجونَ علَى النَّاسِ…
… فيُنشِفونَ الماءَ ويتحصَّنُ النَّاسُ منهم في حصونِهِم فيرمونَ بسِهامِهِم إلى السَّماءِ فترجِعُ عليها الدَّمُ الَّذي اجفَظَّ فيقولونَ قَهَرنا أهْلَ الأرضِ وعلَونا أهْلَ السَّماءِ فيبعثُ اللَّهُ نَغَفًا في أقفائِهِم فيقتلُهُم بِها قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والَّذي نفسي بيدِهِ إنَّ دوابَّ الأرضِ لتَسمنُ وتَشكَرُ شَكَرًا من لحومِهِم“
الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح ابن ماجه
اقرأ أيضًا: قصة يأجوج ومأجوج كاملة وصفاتهم ووقت ظهورهم
أحاديث نبوية عن يأجوج ومأجوج
قد كان رسولنا –صلاة الله وسلامه- عليه دومًا مرشدًا وموجهًا لنا في شتى أمور الدنيا والآخرة، قد عرفنا من خلال الفقرات السابقة قصة ردم قوم يأجوج ومأجوج ليكونوا في معزل عن البشر ويستريح العالم من بطشهم وجبروتهم.
إن قوم يأجوج ومأجوج يحفرون في ردمهم منذ تم عزلهم محاولين اختراقه، قد ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في حديثه مع زينب بنت جحش –رضي الله عنها- بأن ردم يأجوج ومأجوج قد خرق منهم قدر أنملتين، فجاء الحديث الشريف ليقول:
“أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ! ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ؛ فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه. وحَلَّقَ بإصْبَعِهِ الإبْهَامِ والَّتي تَلِيهَا، قالَتْ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وفينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ؛ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ”.
الراوي: زينب أم المؤمنين | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري
سبب فزعة النبي –صلى الله عليه وسلم- من اختراق ردم يأجوج ومأجوج قدر أنملتين هو ما سوف يفعلونه في أهل الأرض عند خروجهم، فقد وصف نبينا بما سوف يفعله في حديثه الشريف: “سيوقِدُ المسلمونَ منْ قِسِيِّ يأجوجَ ومأجوجَ ونُشَّابِهمْ وأَتْرِسَتِهمْ سبعَ سنينَ“
الراوي: النواس بن سمعان الأنصاري | المحدث: السيوطي | المصدر: الجامع الصغير
فمعنى “سيقودون المسلمين” هي أن قوم يأجوج ومأجوج سوف يستعملون المسلمين في إشعال النار للدفء فيكون المسلمون هم وقود شعلة نارهم، فنسأل الله أن نكون من الثابتين المسلمون عند قيام الساعة ولا نكون من الضالين.
قد ورد ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فعند السؤال هل يأجوج ومأجوج بشر يجب الذهاب إلى ما ورد في الشريعة دون التأثر بأقوال الباطل.
