من حلف بالله فصدقوه

من حلف بالله فصدقوه
من حلف بالله فصدقوه

من حلف بالله فصدقوه حديث يتردد على لسان الكثير من الأشخاص ولكنه حديث غير صحيح ولكن هو يحمل نفس معنى حديث آخر،  فالمضمون في المعنى واحد لكن القول اللفظي مختلف، وسوف نوضح شرح الحديث الأصلي الذي يحمل نفس معنى (من حلف بالله فصدقوه) من خلال موقع زيادة.

من حلف بالله فصدقوه

يتداول بين الناس هذا القول وهو يعني أن لفظ الجلالة  له من العظمة والتقدير الكثير، وعندما يذكر اسم الله سبحانه وتعالى على لسان أحد الأشخاص فيجب أن يصدق الشخص الحالف.

ذلك لأن الجميع يعلم أن لفظ الجلالة له حرمته وعظمته التى لا يستطيع أحد أن يقلل منها أو يستهان بها، ولذلك عندما يأخذ القاضي بقول أحد الشهود في قضية ما يطلب من الشاهد الحلفان، ويكتفي بذلك في تصديق قوله.

كما أن هناك الكثير من الأمور الخاصة بالحكم بين المتخاصمين يؤخذ بقول الأشخاص فيها عند الحلف بالله سبحانه وتعالى وكذلك الأمر في حالات الشهادة في القضايا المختلفة والتي قد تكون حساسة لدرجة أنها سوف تودي بحياة إنسان أو سمعة فتاة، لذلك فالقسم له قدسيته الخاصة.

من هذا المنطلق الراسخ في وجدان الأشخاص من تقديس لفظ الجلالة، ظهر هذا القول (من حلف بالله فصدقوه)، ولكن أكد الكثير من الأئمة أن هذا القول اللفظي غير متواجد في الأحاديث الصحيحة المذكورة عن النبي.

اقرأ أيضًا: كفارة الحلف بالله عند الغضب

الحديث الأصلي

كما ذكرنا من قبل أن هذا القول لا يختلف أحد على صحة مضمونه، ولكنه ليس حديث ولكن الحديث الذي يتشابه مع نفس هذا المضمون هو:

“لا تحلفوا بآبائكم، من حَلَف بالله فلْيصدُق، ومن حُلِفَ له بالله فليرضَ، من لم يرضَ بالله فليس من الله” [رواه عبد الله بن عمر].

يوضح الحديث فيما معناه أنه لا يجوز الحلفان بغير الله سبحانه وتعالى، حيث يعد هذا من أحد أنواع الشرك بالله، كما يؤكد الحديث أنه يجب على الشخص الذي يحلف أن يكون صادق في حلفانه، ويسمى الحلف الكذب عند الله سبحانه وتعالى ب(حلف الغموس )، وذلك لأن الحالف كذبا يغمس في نار جهنم.

الأبرار بالقسم واجب على المسلم

هناك حديث آخر تحدث عن الحلفان وأهمية القسم بلفظ الجلالة وهذا الحديث عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال:

“أَمَرَنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَبْعٍ، ونَهَانَا عن سَبْعٍ: أمَرَنَا باتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وعِيَادَةِ المَرِيضِ، وإجَابَةِ الدَّاعِي، ونَصْرِ المَظْلُومِ، وإبْرَارِ القَسَمِ، ورَدِّ السَّلَامِ، وتَشْمِيتِ العَاطِسِ، ونَهَانَا عَنْ: آنِيَةِ الفِضَّةِ، وخَاتَمِ الذَّهَبِ، والحَرِيرِ، والدِّيبَاجِ، والقَسِّيِّ، والإِسْتَبْرَقِ.

يوضح الحديث أنه في حالة كان أحد الأشخاص يحلف على شخص آخر بأن يقوم بشيء ما فعلى المقسوم عليه أن ينفذ الحلفان مثل أن يقوم شخص بدعوة آخر على الطعام ويحلف عليه أن يجلس؛ في ذلك الحين يجب على الشخص المقسوم عليه أن يجلس ليتناول الطعام ما دام لن يقع عليه ضرر من تنفيذ الحلفان.

كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم أنه من حق المسلم على أخيه المسلم الإبرار بالقسم لأنه قد حلف بلفظ الجلالة الذي لا يجب أن يستهان به،  في حالة أن الأبرار بهذا القسم لن يضر المقسوم عليه.

اقرأ أيضًا: حكم الحلفان على المصحف

حكم الإكثار من الحلف 

هناك الكثير من الأشخاص يقومون  بالحلف أثناء الحديث أكثر من مرة ويعتقدون أن ذلك لا بأس منه لأنهم لا يكذبون، ولكن ذلك يعد استهانة باسم الله فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز:

(وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[البقرة]، كما يذكر في سورة القلم (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ).

يذكر الكثير من الأئمة أن كثرة الحلف يعد دين المنافقين، ويؤكد علماء الدين ذلك اعتمادًا على قول الله تعالى:

(يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) [التوبة]

هناك حديث صحيح يؤكد أنه من لا يجب أن يكثر الإنسان من الحلف حتى لو كان صادقا،  فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

“ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه.”

يوضح الإمام ابن الباز أنه لا يفضل أن يكثر الشخص من الحلف لأن كثرة النطق به قد توقع به ويحلف كذبا، حين أنه اعتاد على ذكر لفظ الجلالة والحلف في الكثير من كلامه.

اقرأ أيضًا: ما حكم الحلف بالله ثم التراجع

حكم الحلف كذبا

إن الكذب من الكبائر التي نهانا عنها فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال:

“علَيْكُم بالصِّدْقِ،  فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ،  وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ،  وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا،  وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ،  فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ،  وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ،  وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا”

لكن هناك حالة يسمح فيها الحلف كذبا وذلك إذا كان هذا الحلف لن يضر أشخاص بل سوف يقوم بالصلح  بينهما، ففي تلك الحالة يكون الكذب من أجل فعل الخير.

فمثلا إذا كان هناك اثنين متخاصمين والمصلح بينهما ذهب إلى إحداهما وقال له إن فلان والله يريد الصلح، بغرض تهدئته والصلح بينهما؛ فليس عليه ذنب في هذا، وهكذا الأمر أيضًا في حالة قال الرجل لزوجته والله إني أراك أجمل النساء، فلا بأس أيضا من ذلك.

من خلال عرضنا تأكد لنا أن مركز الفتوى أكد عدم وجود حديث باللفظ الذي تم ذكره ولكنهم يتفقون على أن الحلفان بالله يجب أن يكون حلفان صادق وفي تلك الحالة يجب تصديقه.